مقالات
أخر الأخبار

الحقوق المتبادلة بين الزوجين

الكاتب :يوسف البيشي

من رحمةِ الله – تعالى – بنا أن جعل لنا في ديننا الحنيف ما إذ رجعنا إليه واتَّبعناه فلن نشقى بعدها أبدًا، فكما يعلمُ الجميع أن الأسرةَ في الإسلام هي الرَّكيزةُ التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي، وإذا صلَحت صلَح سائر المجتمع، ومن أجل هذا فإن الدين الإسلامي قد حدَّد حقوقًا وواجباتٍ لكلا الزوجين والتي إذا ما التزم كل منهما بما له من حقوق وما عليه من واجبات، كانت الحياةُ بينهما أفضلَ وقلَّت الخلافاتُ، وتمكَّنوا من بناء أسرة قويمة تساعد في تقدُّم المجتمع .
فالحقوق الزوجية كيان قوي تقوم عليه أساسات الأسرة في الإسلام وعدم مراعاتها يهدم قوامها وان حق الرجل وحق المرأة واضحين وضوح الشمس في كتاب الله وسنة نبيه لمن أراد التفقه والسير عليها بما يحفظ حقوق الأثنين وينعكس ذلك على الاستقرار النفسي والاجتماعي لكل أفراد الأسرة ، ولنضع نصب أعيننا أن المشرع هو الله سبحانه وتعالى ونبتعد عن تشريعات أنفسنا واهوائنا. ومن آياته سبحانه أن خلق الزوجين الذكر والأنثى فلا غنى لأحدهما عن الآخر وجعل بينهما المودة والرحمة فالمرأة سكن للرجل وهو سكن لها لذلك قال سبحانه تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة )وهي درجة التكليف بحماية المرأة وصيانة كرامتها والانفاق عليها .
ولنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم ما أكرمهن الا كريم ولا أهانهن الا لئيم .. ولتكن هي أهلاً لهذه الكرامة بحيث تظهر أثارها على زوجها وجميع أسرتها .
وقال صلى الله عليه وسلم
( إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها ، و صامَت شهرَها ، و حصَّنَتْ فرجَها ، وأطاعَت زوجَها ، قيلَ لها : ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع. فالله سبحانه قرر للرجل مهامه الموكل بها وكذلك المرأة بما يحفظ به توازن الأسرة وقوامها.

ومما يجعل الحياة الزوجية تمر بصعوبات وعقبات هو إقدام الرجل والمرأة على الزواج وكلاً منهما لا يعرف ما له وما عليه فيقدم بنظرة قاصرة جداً عن الحياة الأسرية وما يمكن أن يكون بها من يسر وعسر فالبعض يدخل الحياة الزوجية وهو مشحون بكثير من الأفكار السلبية من المحيطين تحت مظلة (لا تغلبك أو لا يغلبك) وكأنهم سيخوضون حرب شعواء ،فكل واحد منهم يسعى لفرض اراءه بالقوة . لذلك نصيحة لكل من لديه نية الاقدام على الزواج أن يدخل دورات تأهيلية للحياة الزوجية مع كثرة الاطلاع والقراءة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف كان تعامله مع زوجاته وكيف تعامل زوجاته معه كذلك الاطلاع على تجارب الآخرين الناجحة .
فلو كل واحد منا يتعبد الله في الطرف الآخر ماقسى الرجل على المرأة ولا عصت المرأة الرجل …ولنتذكر أن آخر وصية للرسول صلى الله عليه وسلم(استوصوا بالنساء خيرا).

إن الزوج والزوجة يجب أن يعملا على تقسيمِ الأدوار فيما بينهما حتى يتمكَّنا من تكوين أسرة سليمة لا يوجد بها خلل، مشيرًا إلى ضرورة أن يعرِفَ كلٌّ منهما دورَه جيدًا؛ بحيث لا يُقصِّر أحدهما فيما هو منوط به مستدِلاًّ على ذلك بقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)).

أن عدم مراعاة كل طرفٍ لحقوقه وواجباته قد يكون سببًا كافيًا لانهيار الأسرة كاملة، وحتى يتجنَّب الزوجانِ هذا الأمر يجب ألاَّ ينفرِدَ كلٌّ منهما برأيه، وألا يتدخل أحدٌ منهما في الدَّوْر المنوط بالآخر، مضيفًا: على الزوج أن يشرك زوجته معه في القضايا والمشكلات التي يواجهها، وألا يكون ديكتاتورًا متعصبًا لرأيه.

أن الأساس الذي يجب أن يُراعيَه كلٌّ من الزوج والزوجة بينهما أن تكون العَلاقة فيما بينهما قائمةً على المودة والاحترام المتبادل، واستدلَّ على ذلك بقول الله – تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[الروم: 21].

وعلى الزوجِ أن يُحسِن معاشرةَ زوجتِه، وأن يكون ذا خلق معها، وأن يُكرِمها ولا يُهِينها، فضلاً عن مساعدته لها في أمور البيت التي قد تكون شاقَّة عليها، وهو الأمر الذي كان يفعله الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – مع زوجاته، مشيرًا إلى ضرورة أن يحترم كلٌّ منهما رأيَ الآخر، وأن يتغاضى كل منها عن عيوب الآخر وأن يتقبّله كما هو.

ومن هذه الصفات والأخلاق ما أوصتْ به أمٌّ عاقلةٌ ابنتَها قبل الزواج ، وهي وصايا جامعة ، نسأل الله أن يعينك على تحقيقها ، قالت الأم لابنتها : أي بنيّة إنك فارقتِ بيتكِ الذي منه خرجتِ ، وعشكِ الذي فيه درجتِ إلى رجلٍ لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه ، فكوني له أَمَةً يكن لكِ عبداً ، واحفظي له خصالاً خمس تكن لك ذخراً :

الأولى: الخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع له والطاعة . 

الثانية: التفقد لمواضع أنفه وعينه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم إلا أطيب ريح . 

الثالثة: التفقد لوقت منامه وطعامه ؛ فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مُغضبة . 

الرابعة: الاحتفاظ بماله والإرعاء على حشمه وعياله . 

الخامسة: إن ملاك الأمر في المال حسن التقدير ، وفي العيال حسن التدبير .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى