بقلم :يوسف البيشي
يظل الأصدقاء الأوفياء هبة من الله سبحانه يضعهم على قارعة طريقك وفي حياتك تربطك بهم صلة قرابة وجوار وزمالة وإنما هم كمصابيح الدجى وقت الظلام وكشربة ماء للظمآن،وإذا حظيت يوماً بأحدهم فاشكر الله الذي أرسله في طريقك وأحمده سبحانه أن رزقت بأمثاله،كيف وإذا كان ذاك الصديق نعمة فوق نعمة أخرى يحمل قلباً سخياً أبيض كبياض الثلج ونقاءً كنقاء الماء الزلال صفاءً وعذوبة، هؤلاء يندر الزمان أن تجدهم ويعز المكان أن يأتي بمثلهم فهم عملة نادرة وقيمة باهظة الأثمان،تشغلنا الدنيا بركامها وحطامها ومتاعبها ولكن يبقى القلب للقلب يحن وبالاتصال أو للوصال يسعى مهما طال الوقت أو قصر، لكن حين تصلك رسالة تنبئك أن لا وصال بعد اليوم ولا لقاء في هذه الدار لمن كنت له واصلاً ولك متواصلاً، هنا تأخذك مسحة حزن وأسى ولوعة فراق وألم فخبر الوفاة دوماً ما يعكر الأسماع فكيف إذا كان لأحد الأحباب وبصورة مفاجئة وهذا ما حدث معي حين رزئت بخبر وفاة صديق وفيٍّ وعزيز كريم رحل عنا دون سابق إنذار أو أدنى إخطار، ذلكم الصديق الصادق وصاحب القلب الطاهر أخي (أبو تركي) سلطان ضبيان حسن هبه ولم أجد قبلة مؤلمة أكثر من قبلة وضعتها على جبينك ياصاحب القلب الطاهر قبل أن تتوارى إلى مثواك الأخير رحمك الله وأدخلك فسيح جناته واشهد انك كنت قلعة من الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة والقلب المخموم، نقي السريرة سليم الصدر، دمث الأخلاق أحسبك كذلك ولا أزكي على الله أحداً، ولذا لا غرو حين ترى جنازة مهيبة وكبيرة يكتظ الجامع بها وتزدحم المقبرة بأعداد المشيعين والمعزين فالكل يعرف عنه طيب المعدن وسلامة القلب وقضاء الحاجة وتلبية الإجابة، زاملته في فترة طفولتي فترة من الزمن،رحل من دنياناً ولم نودعه ولم نشعر بقرب رحيله وهذه حال الدنيا وتقلباتها وحال الموت ومباغتته ولكن حسبنا من ذلك وتسلية مصابنا فيه ثناء الناس عليه بعد وفاته وتعداد محاسنه ومآثره وكثرة من شهد جنازته في جامع البواردي في الرياض في جنازة يندر أن تزدحم بمثله ونحن والله نشهد الله أنه نال من الثناء أجمله ومن المدح أكمله في حياته وبعد مماته،فاللهم ارحم من رحلوا وتركونا وتركوا فقط في ذاكرتنا صورهم وأصواتهم وضحكاتهم، رحمهم الله رحمة واسعة وجمعنا بهم في جنات الخلد، فاللهم ارحمه واغفر له وتجاوز عنه واجمعنا به وبمن نحب في هذه الدنيا وبوالدينا في جنات النعيم.