مقالات
أخر الأخبار

” تأملات حياتية “

يطول العجب من هذه الحياة، من أحداثها وتقلباتها، بدايتها ونهايتها، حقيقتها وماهيتها ولا ينتهي العجب، فهذه الحياة سلاسل متتالية من الأيام، وسيل هادر من السنوات، وخليط متناقض من المشاعر، وصراع يكبر في مساحة ويصغر في أخرى، هذه الحياة التي تنبض في ابتسامات الصباح، وتدب في أوراق الشجر، وأحاديث الفلاحين، وتبحر في أحلام الصيادين،

وإن تعجب فعجب أن يقول لك الحكماء: “زاحم فميدان الحياة زحام”، وترى بنفسك طابور الزحام وغباره في ميدان الحياة لدى بوابات النجاح، وكشكات المستقبل، وساحات التنافس، ثم إنك لا تفتأ حتى ترى أناسا آخرين غير مبالين، لا يزاحمون سوى الفراغ، و لا يسيرون إلا في الطريق الرَّحْب، ويبذلون أقل الجهود، ويهتدون لِأَخْصَرِ الطُّرق، ومع ذلك يظفرون بما يريدون، وينالون ما يبتغون، وفقَ قِسمة الرزق، ومنازل الحظوظ، فلا تدري أي الفريقين أحق بالاتباع، وأي المسارين أحق بالاقتداء؛ أتزاحم أم تحجم؟ أتنافس أم تعتزل وتزهد؟

إن خيار المزاحمة جهدٌ وعمل وتَوْقٌ دَفَّاقٌ، يتطلب السعي والإلحاح واللَّجَاجَ في الغايات، وخيار اللاَّمبالاة ليس أكثر من برودة أعصاب في التعامل، وزهد في المكاسب، وإعراض عن التنافس، وفي النهاية كلاهما أسلوب لدى البعض لنيل المطالب والظّفَرِ بالمُراد (قل كل يعمل على شاكلته) و(كل ميسر لما خلق له).

فالحياة ليست عبثية كما يبدو للبعض أما من أنعم الله عليه بوجود “طريق” يسلكه، و”هدف” يسعى له، وعمل يزاوله، فقد امتلك كنزا عظيما، حرم منه كثيرون، فليحسن السير في الطريق، وليجد العمل، ولا ينسى “الهدف” (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا).

من أنصت للدهر، وقرأ صفحات الأيام، علَّمته التجارب أن لا راحة إلا بعد التعب، و لا سعادة إلا بعد النَّصَب، ولا يدرك قيمة الحياة إلا مكافح مزاحم، يرى في غروب الشمس زوال يوم من عُمره، فلا يشغلك التفكير في أمواج الغد، عن التجديف بين أمواج اليوم، “وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل..

الكاتب ‏࿐❥✍🏻
صبــ @ القلم @الألماسي ــــاحب
أ. يوسف بن حسن البيشي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى